أكدت دراسة صادرة حديثا عن مركز استراتيجيات أمن منطقة الساحل والصحراء أن ما يصل إلى 70% من إنتاج السوق غير الرسمي للذهب في موريتانيا يتجه إلى مدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة.
وأضافت الدراسة التي حملت عنوان: " الساحل: الذهب في قلب العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة" أن دولة الإمارات العربية تُظهر "مستوى ضعيفا من الشفافية في تعاملاتها المتعلقة بالذهب مع دول الساحل، فمن خلال استحواذها على منتجات التعدين التقليدي، يبقى خطر الحصول على ذهب مصدره جهات مشبوهة قائما".
وتحدثت الدراسة عن استيلاء جماعات إرهابية على مواقع تعدين تقليدية في العديد من دول الساحل، مردفة أنه مع ذلك، "تقدّم دبي نفسها - ويتم قبول ذلك - كشريك تقني في إعادة تنظيم قطاع الذهب في بلدان المنطقة، ولا سيما في مالي وتشاد".
وقالت الدراسة إن الإمارات تربط علاقات دبلوماسية قوية مع منطقة الساحل، تقوم في جانب منها على معدن ثمين هو الذهب، مؤكدة أن قائمة الدول المعنية بذلك تشمل كلا من السودان، وليبيا، ومالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وتشاد، والكاميرون، وموريتانيا، كما تحظى توغو، وهي دولة منتجة للذهب، باهتمام خاص. وتخوض جميع هذه الدول معركة ضد الإرهاب، الذي تقول الإمارات إنها تكافحه في كل مكان.
وأكدت الدراسة - التي أعدها المركز الذي يرأسه الدبلوماسي والمبعوث الأممي السابق أحمد ولد عبد الله - أن الإمارات استوردت في عام 2024، ما يناهز 1400 طن من الذهب، بقيمة تجاوزت 105 مليار دولار، أكثر من نصفها - أي 74,8 مليار دولار- كانت إفريقيا مصدرها.
ولفتت الدراسة إلى أنه رغم أن مصدر هذا الذهب لا يكون دائما مثبتا من حيث التتبع، فإن الإمارات تتعهد بالشفافية، مشيرة إلى أن الإمارات قدمت بين عامي 2018 و2023، مبلغ 750 مليون دولار من المساعدات لدول مجموعة الساحل الخمس (G5 Sahel) آنذاك.
ونبهت الدراسة إلى أن الإمارات تقدّم نفسها كمركز استراتيجي للتجارة العالمية للذهب، رغم أنها ليست دولة منتجة، كما أنه تمتلك منظومة متكاملة لصناعته، تشمل مصافي تكرير، وعددا كبيرا من التجار، وشركات لوجستية متطورة، ومناطق حرة.
وأضافت الدراسة أن الإمارات تمثل 11% من صادرات الذهب العالمية، وتضم أكثر من 4000 ورشة لصياغة المجوهرات، و1200 متجر بيع بالتجزئة، توفر فرص عمل لحوالي 60000 شخص، منبهة إلى أنه للاضطلاع بهذا الدور القيادي، تحتاج دبي إلى إمدادات مستدامة وكبيرة الحجم. وعلى الرغم من التعهدات المتكررة بتأمين مصادر أكثر شفافية، تواصل الإمارات قبول الذهب القادم من مصادر غير رسمية.
وقالت الدراسة إن الإمارات اشترت في عام 2024 - 29 طنا من الذهب السوداني، مقابل 17 طنا في عام 2023. وفي السنة ذاتها، ومع تصاعد النزاع الأهلي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 11 شركة، كثير منها مسجل في الإمارات، بتهمة تسهيل تمويل قوات الدعم السريع بالذهب، مذكرة بأن الحرب في السودان اندلعت في أبريل 2023.
وأشارت الدراسة إلى أن السودان، التي يوجد بها نحو 40000 موقع تنقيب و60 شركة تكرير، تعد أكبر منتج عربي للذهب. وتنتشر شركات الذهب في 13 ولاية من أصل 18، خاصة في مناطق النيل والشمال والبحر الأحمر.
وأكدت الدراسة أن كميات كبيرةً أخرى من الذهب تمر عبر دول مجاورة، من بينها 27 طنا من مصر، و18 طنا من تشاد، وكميات من ليبيا، التي تحتوي سلسلة جبال العوينات، الواقعة على الحدود مع السودان ومصر، وهي تتوفر على مخزون ضخم من الذهب.
وقالت الدراسة إن الإمارات تُتهم بشراء هذا الذهب، عبر قنوات مختلفة، من المشير خليفة حفتر، مذكرة بأن المصافي الليبية طرحت 450 طنا من الذهب في السوق عام 2020، ومنذ ذلك الحين، فقدت ليبيا ما بين 50 و55 طنا من الذهب، تُقدر قيمتها بنحو 3 مليارات دولار، لصالح شبكات التهريب.
كما تحدثت الدراسة عن توفير الإمارات في مقابل هذا الذهب، دعما لوجستيا، وأسلحة، ومعدات متنوعة، ورعاية طبية لـ"لحرس الثوري الليبي"، وتغذي هذه المبادلات اقتصاد الحرب.
ووصفت الدراسة المصافي، سواء الرسمية أو غير الرسمية، والمطارات - التي تعمل أحيانا تحت الاسم نفسه – بأنها "نقاط عبور هشة ومعرضة للاستغلال".
وأشارت الدراسة إلى أن دولة مالي التي تعدّ ثاني أكبر منتج للذهب في إفريقيا، استخرجت 81% من الإنتاج بواسطة شركات مرتبطة بالإمارات العربية المتحدة، مؤكدة أن اختطاف جنرال إماراتي متقاعد في 23 سبتمبر 2025 سلط الضوء بشكل صارخ على هذه الحقيقة، حيث تقع ضيعته على مزرعة شاسعة تبعد 40 كيلومترا جنوب باماكو، وتضم مدرج طيران بطول 700 متر، وأشجار فاكهة، وأخشابا، ومجموعة متنوعة من الحيوانات، معظمها من الثديات والطيور الداجنة.
وأردفت الدراسة أن البعض يرى أن النشاط الحقيقي، أو بالأحرى النشاط الرئيسي، لهذا الموقع كان تجارة الذهب بين مالي والإمارات العربية المتحدة ووجهات أخرى، مذكرة بأن مالي حققت في عام 2023 - 1.926 مليار فرنك إفريقي من خلال الذهب.
المصدر: وكالة الأخبار المستقلة