باحث: مصلحة موريتانيا أن تعيد النظر في شروط استغلال مواردها المعدنية

أكد الباحث الموريتاني في مجال الصناعة الاستخراجية الدكتور يربان الحسين الخراشي أن من مصلحة موريتانيا تماشيا مع إعادة كتابة المشهد الجيوسياسي العالمي من خلال الموارد المعدنية أن تعيد النظر في شروط استغلال مواردها المعدنية الاستراتيجية الهامة، وتبدأ في مراجعة عقودها مع الشركات الأجنبية خاصة تلك العاملة في مناجم الذهب.

 

وأضاف ولد الخراشي في مقال له تحت عنوان: "موريتانيا في قلب الصراع الدولي على المعادن الاستراتيجية" أنه قد يكون من المصلحة أيضا إعادة النظر في بعض الاستنتاجات المستقبلية في مجال الطاقات المتجددة المبنية على فرضية غير دقيقة تتعلق بالمركزية الأوروبية في العالم.

 

وشدد الباحث الموريتاني على أن "أوروبا لم تعد مركزا للعالم لا من الناحية الاقتصادية ولا التكنولوجية".

 

ونبه ولد الخراشي إلى أن المعركة والصراع الذي يعيشه العالم منذ عام 2014، لا يقتصر على المناطق الجيواستراتيجية فحسب، بل يمتد إلى الموارد الطبيعية، وخاصة المعادن التي أصبحت ساحة معركة وتنافس بين القوى الكبرى.

 

وذكر ولد الخراشي بأن موريتانيا تمتلك احتياطات معتبرة من معادن مصنفة في قائمة المعادن الحرجة التي حددتها أمريكا، والصين، والاتحاد الأوروبي، إلى جانب إمكانيات هائلة من الطاقات المتجددة.

 

وأشار إلى أن موريتانيا احتلت المرتبة الثانية عالميا من بين 156 دولة وفق مؤشر (GeGaLo) الذي يقدم رؤية حول المكاسب والخسائر الجيوسياسية، التي قد يواجهها العالم بعد التحول بشكل شبه شامل إلى الطاقات المتجددة، مردفا أن موريتانيا قد تحصل على فوائد جيوسياسية كبيرة، وتستفيد من إعادة تقييم الاتحاد الأوروبي وغيره لمواردها المعدنية.

 

ورأى ولد الخراشي أن على رأس هذه الموارد المعدنية خام الحديد الذي يبدو أن مناجمه على المستوى العالمي قد تكون إحدى ساحات المعركة، وذلك بعد إدراج كل من المملكة المتحدة، وكندا له ضمن قائمة المعادن الحرجة في عام 2024، هذا بالإضافة إلى الصين التي تعتبره من المعادن الحرجة منذ 2018، وقد تحذو أمريكا حذو بريطانيا والصين وتضم خام الحديد إلى قائمة المعادن الحرجة خاصة في ظل سعيها الحثيث إلى تجديد بنيتها التحتية الشرط المسبق لإعادة الصناعة إليها.

 

ولفت ولد الخراشي إلى أن المناقشات بين شركتي ريو تينتو (Rio Tinto Group) وجلينكور (Glencore) لبحث اندماجهما وتشكيل أكبر شركة تعدين في العالم ليس إلا إشارة إلى تفاقم المخاطر الجيوسياسية في صناعات خام الحديد والصلب، وهو ما قد يجعل موريتانيا أمام معادلة معقدة تتطلب توازنا دقيقا بخصوص احتياطاتها الهائلة من خامات الحديد.

 

وأردف الباحث الموريتاني أن "مما يزيد الطين بلة تواجد مناجم الحديد إلى جانب مصادر الطاقات المتجددة من شمس ورياح جنبا إلى جنب، وكذلك الحديث عن منطقة مرجحة بأن تكون "بلبارا إفريقيا" في مثلث ما يزال يخضع إلى حد ما لتداعيات حرب قضية الصحراء هذا من جهة، ومن جهة أخرى المنافسة على سلسلة توريد "المعادن الحرجة" الأخرى التي قد تطال موريتانيا.

 

وأضاف ولد الخراشي أن هذه المنافسة قد تطال موريتانيا "نتيجة لدرجة التداخل الكبيرة في أنواع المعادن الحيوية الاستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي من بينها 21 معدنا متداخلا بين القائمتين الصينية والأمريكية، و17 معدنا متداخلًا بين الصين وأوروبا، وهو ما يعني أن المعدن الأساسي مهم بالنسبة لكلا الطرفين أو الأطراف الثلاثة، ويفتقر إليه الجميع".

 

وخلص ولد الخراشي إلى أن "المنافسة في سلسلة التوريد أمر لا مفر منه، وقد يجلب معه تحديات جيوسياسية، وربما أمنية لدول مثل موريتانيا"، مذكرا بأن التاريخ أثبت مرارا وتكرارا بأنه عندما تصبح الموارد المعدنية أوراق مساومة في اللعبة بين القوى الكبرى، فإن السلام يصبح السلعة الفاخرة الأكثر تكلفة، ووفقا لبيانات برنامج الأمم المتحدة للبيئة فإن 40% على الأقل من النزاعات داخل الدول في السنوات الـ60 الماضية كانت مرتبطة بالموارد الطبيعية".

 

 

الأكثر مشاهدة